الأحد، 22 مايو 2011

عفو الله عن بعض أهل المعاصي ,Pardon of God for some people of sin

السؤال: هل يقال: إن من عدل الله أنه لابد أن يعذب بعض أهل المعاصي على سبيل الجزم، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الجواب تواترت الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يدخل النار جملة من أهل الكبائر، وهناك من يعفى عنه، كما قال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فمنهم من يعفى عنه، ومنهم من تصيبه الأهوال والشدائد في موقف القيامة، ومنهم من يعذب في القبر، وتسقط عنه عقوبة جهنم بعذاب القبر أو بالأهوال والشدائد التي تصيبه، ومنهم من يدخل النار، وقد تواترت الأخبار بهذا، لكنهم يخرجون منها بشفاعة الشافعين، ورحمة أرحم الراحمين، ولا يبقون فيها، ولا يبقى إلا الكفرة.

اللهمَّ لا تكِلْني إلى نفسي فأعجز عنها
ولا إلى النَّاس فيظفروا بي.
ولا تُخيِّبْني وأنا أرجوك.
ولا تُعذِّبْني وأنا أدعوك. ميزان خاطىء
كثيراً ما يَتَمتْرس المقيمون على معصية ما، خاصة إذا كانت مُعْلَنةً أو مجاهراً بها... بقولهم:
إنَّ الله غفورٌ رحيم
 
وهم بذلك يتهاونون فيما يفعلونه، بل ربَّما يُبرِّرونه، بل رُبَّما يُؤكِّدون عدم توبتهم أو أنَّهم يتمادون في ما هم عليه!
ولو أنصف هؤلاء أنفسهم، وكانوا صادقين، لذكروا أنَّ الله شديد عقاب أيضاً، إلى جانب أنَّه غفورٌ رحيم .
قال الله تعالى: [المـَـائدة: 98] {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *}.
فإلى متى يبقى الاستخفاف والتبرير شائعين، إتكالاً على «بعض الكتاب» وإغفالاً «للبعض الآخر»؟
فكما أنَّ الشاهد سبحانه هو الحاكم، كذلك الغفور الرحيم هو شديد العقاب.
إنَّ بعض الناس يُصيبهم الغرور فيظنون أنَّهم مهما فعلوا من المعاصي، فإنَّ عفو الله تعالى ينتظرهم، فيتمادون فيما هم عليه، ويتحرُّون تبريرات واهية وحججاً باطلة، ويستخفُّون بالموعظة والوعيد... حتَّى يُدركهم الأجل الذي لا بدَّ مدركهم بغتة وهم لا يشعرون
 
وساعتئذٍ لن يجدوا إلاَّ ما قدَّموا، ولن يحصدوا إلاَّ ما زرعوا... فتكون [النـُّـور: 39] {...أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.
هؤلاء [الفـُـرقان: 18] {نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} .
غضبه لا يمنع رحمته، ورحمته لا تمنع غضبه
عدالة الله عزَّ وجلَّ، التي نؤمن بها، تعني لنا:
أنَّ ربَّنا لا يظلم أحداً.
فهو سبحانه جعل نتيجة موازية وحصيلة آتية لكل فعل، فالحلال وراءه حساب، والحرام وراءه عقاب، فهو تعالى يرضى عند الطاعة، ولا يُنتظر منه غير ذلك، ويغضب عند المعصية، ولا يُنتظر منه غير ذلك.
قال تعالى: [فُصّلَت: 43] {...لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ}.
وقال جلَّ جلاله: [الأعـرَاف: 167] {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} .

قال أمير المؤمنين : «إنَّ الله سبحانه وضع الثواب على طاعته، والعقاب على معصيته، زيادة (منعاً لهم عن المعاصي) لعباده عن نقمته، وحياشةً لهم إلى جنَّته (جاءه من كل جانب ليسوقه إلى الجنَّة


وورد أيضاً في صفاته جلَّ في ملكه: «لا يشغله غضبٌ عن رحمة، ولا تُولِهُهُ رحمةٌ عن عقاب». .
سبحانه وتعالى، غضبه لا يمنع رحمة، ورحمته لا تحجب غضباً .
سبعة عشرة مرَّة!
سيقول قائل: لا تُقنِّطوا الناس من رحمة الله، ونقول له: وصلنا إلى مرحلة يأمن فيها الكثيرون من غضب الله تعالى فيتجاهر بل يتفاخر بالإصرار، متناسياً أنَّ غضب الله سبحانه هو عديل رحمته، فكما لا يجوز تيئيس الناس، كذلك لا يجوز إغراؤهم .
تبقى معلومة يجب أن تُعلم وتُنشر : هل نعلم أنَّه ذُكر في القرآن الكريم أنَّ الله سبحانه [الأنفـَـال: 13] {شَدِيدُ الْعِقَابِ} و [الأنعـَـام: 165] {سَرِيعُ الْعِقَابِ} [فُصّلَت: 43] {...وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} حوالى سبعة عشرة مرَّة؟
 
العقوبة
فمعنى العقوبة والمعاقبة يختص بالعذاب، وأصلها في المعنى «العَقِب»، وهو مؤخَّر الرِّجل.
وعقيب الشيء، وعاقبة الأمر، ما يلي من آخره.
و«التعقيب» هو الإتيان بشيء بعد شيء، كتعقيبات الصلاة مثلاً.
«ومعاقبة الغير» أن تأتي بما يسوؤه بعد أن أتى أو فعل أو قال ما يسوؤك، فهي المجازاة والمكافأة بالعذاب، أو إذا شئت قُلْ هي معاملة بالمثل.
قال الله ربِّي جلَّ جلاله: [النّحـل: 126] {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} 
 
.
فما من عقاب توعَّده الله سبحانه عباده إلاَّ نتيجة سوءٍ صدر عنهم، فخيره عزَّ وجلَّ نازل، وشرّنا إليه صاعد.
ولا يكون العقاب لأهل الطاعة والخير.
وأمَّا أهلُ الضلال والانحراف من أهل الدُّنيا الذين يتوغَّلون في غفلتهم، ويستغرقون في المعاصي والذُّنوب، بظنِّهم أنَّهم ينالون جاهاً وعزَّة... فهؤلاء لا يُقيمون وزناً إلاَّ لحطام الدُّنيا الزائل، ولا يُؤمنون بالوعد والوعيد وأخبار النُّبوَّة من البعث والحساب والجنَّة والنَّار.
قال الله سبحانه: [فَـاطِـر: 5] {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ *} 
 
وكذلك تحبُّب الله عزَّ وجلَّ وتودُّده لا يجوز أن يُقابل بالتباغض والاستعلاء معاني وردت في دعاء الافتتاح. .
سبحانه هو ربِّي الكريم «لا يزداد على كثرة الذُّنوب إلاَّ عفواً وصفحاً».
هذا هو
وهذا شأنه
وهذا قدسه
سبحانه،

الغني الذي ليس فوقه إلهٌ يُخشى، وليس دونه مَلِكٌ يُتَّقى، وليس له وزيرٌ يُؤتى، وليس له حاجبٌ يُرشى، ولا يزداد على كثرة السؤال إلاَّ كرماً وجوداً من الدُّعاء بعد صلاة فاطمة في مفاتيح الجنان، .
سبحانه هو العوَّاد على الخطَّائين بعد عكوفهم على المحارم، يجود عليهم بالعفو والمغفرة.

لِمَنْ تكون الرحمة؟
الرحمة الإلهيَّة التي تشمل المؤمن والكافر، المتدين وغيره، المطيعِ وغيره... إنَّما هي سُبُل رحمة الله سبحانه التي يُبيِّنها للعباد جميعاً لِيَلِجوا بها (وهي جملة الطاعات والقربات... وبديهي أن لا تكون المحرمات والمنكرات).
وقد يفعلون وقد لا يفعلون، بل قد يُخالفون، بل قد يمتطون الموبقات ولا يتوبون...
 
 
 
فكيف لهؤلاء أن يتكلَّموا عن ضمانهم للرحمة ولم يسلكوا مسالكها؟!
كل هذا بالنسبة «للرَّحمن»... أمَّا «الرحيم» فهي تبيان سبيل الرحمة الخاصة بالمؤمن لسعادة آخرتهم ولقاء ربِّهم.
فهل راكب المنكر والقائم على الحرام والمُغْضب لربِّه تعالى والمتهاون بحقه والمتجاهر بذلك... والمتحدِّي، أو المستنكف عن الأَوْبة والهارب من التوبة... والمستخف بعقاب الله عزَّ وجلَّ... هل هذا ممَّن يَعِدُ نفسه بآثار وبركات «الرحيمية» الإلهيَّة؟
 
وأمَّا المتقون الذين ستكتب لهم، فلهم طُرُقهم ومناهجهم في الحياة، ومن أبسطها، اجتناب معصية الله عزَّ وجلَّ.
ثمَّ بعد كل هذا، صحيح لقائل أن يقول: إنَّ الله غفورٌ رحيم.
سبحانك اللَّهمَّ وبحمدك... بتوفيقك يفوز الفائزون، ويتوب التائبون، ويعبدك العابدون،
وبتسديدك يصلح الصالحون المحسنون المخبتون، العابدون لك، الخائفون منك...
وبخذلانك خسر المبطلون وهلك الظالمون، وغفل الغافلون.
نعوذ بالله تعالى من الخسارة والظلم والغفلة.
[الكهف: 58-59] {...لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً * وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا *}.

الطريق إلى العفو والمغفرة
والمقصود بالعفو الذي يُنسب إلى الله تعالى، هو أخذ ما عند العبد من ذنب، وتركه بلا ذنب.
وأمَّا المغفرة (وهو الستر)، فبعد أخذ الذنب، يُستر عليه فلا يظهر ذنب المذنب، لا عن نفسه ولا عن غير
 
 
قال الله ربِّي جلَّ جلاله: [البَقـَـرَة: 286] {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا} .
وقال سبحانه: [النّـِسـَـاء: 99] {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} .
ومَنْ أراد نيل العفو الإلهي والمغفرة، لا مفرَّ له من التقرُّب والزلفى، تعقبها التوبة وعتاب النفس والمؤاخذة، وليُعرض عن الانحراف.
قال الله سبحانه: [التّغـَـابُن: 11] {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} .
فلا بدَّ من المبادرة من العبد لإزالة المانع ورفع المنافي لينال العفو والمغفرة.

فالشرك موت والمعاصي ظلمات [النـُّـور: 40] {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ *}.
فَمَنْ لم يسلك مسلك التائبين المعتذرين، لا حياة له ولا نور، والمؤمن المغفور له، له حياة ونور بفضل سلوك طريق المغفرة.
قال الله سبحانه: [التّحـْـريم: 8] {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ¾ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا}
 
فهل يستوي المؤمنون الملتزمون مع غيرهم؟
وهل التائبون كغيرهم؟
وهل المعتذرون كغيرهم؟
وهل أهل الإصرار والاعتداد، الغافلون عن أنَّ الله تعالى شديد العقاب... هل يُعْتبرون كغيرهم؟!
الأكيد أنَّ هؤلاء ليسوا كهؤلاء... لا يستوون.
[السَّجـدَة: 18] {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا}؟!
هل الذي ينال الرضى الإلهي، كغيره من الغافلين المتكبرين؟
[الأنعـَـام: 122] {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *}.


سبيل رحمة الله تعالى
مَنْ رجى رحمة الله وطمع بها، سعى إليها بما يوجبها ليفوز بها.
قال أمير المؤمنين في وصية له طويلة عن أنَّ المتكبرين لا ينالون أجر المتواضعين... إلى أن يقول وكقاعدة عامَّة: «وإنَّما المرءُ مَجْزيٌ بما أسلف، وقادم على ما قدَّم
 
أمَّا صاحب الرجاء الكاذب فقد «كذب، والله العظيم، ما باله لا يتبيَّن رجاؤه في عمله؟!». .
والعجب أن لا يظهر هذا الرجاء في صُنْعه، والأعجب أنَّه «إنْ هو خاف عبداً من عبيده، أعطاه من خوفه ما يُعْطي ربَّه، فجعل خوفه من العباد نقداً، وخوفه من خالقه ضماراً ووعداً (ما لا يُرْجى تحصيله من الوعود والديون). .
المؤمن الحق بين الخوف والرجاء
المؤمن الصادق هو المتفكِّر دائماً بما مضى من عمل، وبما يأتي، فهو على حذر دائم من انقضاء عمره دون أن يترك أثراً صالحاً وتوبة نصوحة.


 
اللهم اعف عنا يا عفو.. اللهم اعف عنا يا عفو..
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا..
اللهم استأنسنا باسمك العفو.. اللهم فرحنا باسمك العفو..
اللهم كما أفرحتنا بمعاني هذا الاسم فأفرحنا بعفو من عندك يا رب العالمين..
اللهم انظر إلينا في هذه الساعة بعين الرضى فلا تسخط علينا بعدها أبدا..
اللهم اجعل جائزتنا وضيافتنا عندك الليلة عفوا يشملنا جميعا..
اللهم انظر إلينا في هذه الساعة بعين العفو..
اللهم انظر إلينا في هذه الساعة بعين العفو ولآبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وجميع أقاربنا..
يا رب ، يا رب ، إنك عفو تحب العفو فاعف عنا ، فاعف عنا ، فاعف عنا..

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " سيد الاستغفار أن يقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك على و أبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " قال ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يُمسِ فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة 
 
 
 اللهم اغفر لنا ولامه محمد مغفره عامه وارحمنا وارحم امه محمد رحمه عامه اللهم امين